الجمعة، 21 يناير 2011

حين كانت نعجة!





   كانت الحياة اشبه بمسرح دمى يجتهد فيه الكل لإسعاد المتفرجين، و كانت هي بطلة القصة.
   دمية الخشب و الألوان الزاهية تتراقص بحرية و عفوية زائفة هي في الواقع ليست سوى ارتدادا" لحركة خيوط مربوطة بأطرافها ،مدلاة بين أصابع من صنعها و أقنعها بأنها الأميرة و بأن للقصص دوما" نهايات سعيدة و بأن الدنيا بدأت و تنتهي بين يديه و أنها ليست بالرغم من كل السكوت ...خرساء.

   في الصخب و الأضواء، كل الأكاذيب تبدو صادقة، و كل العيوب تختبىء خلف الأقمشة و الماكياج الصارخ.
كل الضحكات تتصنع الفرح و كل الآلام تتخفى خجلا.

   الى أن ينتهي العرض.تسدل الستائر و يحلّ الظلام.صمت بارد يسود المكان .
   كل الأكاذيب تخبو و الأحلام المعلّبة داخل فقاعات الصابون تذوب . يختفي صوت الممثلين و تحمل الدمى لتوضع في صناديق باردةو تكتشف أنها ما كانت سوى لعبة و أن السلاسل الشفافة لم تزل تكبّلها و أن النهاية السعيدة لم تأت بالرغم من أن المسرحية انتهت ...و الجمهور صفق و رحل.

   الماريونيت الجميلة بفستانها الأنيق تبقى على أمل و تنتظر كل صباح صانع أحلامها ليأتي و يمنحها يوما" جديدا" و دورا" ملائما" و صوتا" يعبّر فيه عن كلّ ما فيه و ينسى أن يعلّمها و لو لمرة... الكلام.

   كم من دمية وجدت ذات ليلة ميتة" بسكتة حلم أو حريق مفتعل أو قتلها داء الإنتظار!!!

   ليست كل الدمى متشابهة.

  حتما" ما كانت دمية عادية.

   و إلا لما سمعت ذلك الصوت الذي أيقظها ذات نهار و علّمها كيف تصنع أقدارها...
و علمها أن تتكلم...

   فحكت....

هناك 3 تعليقات:

  1. الصمت احيانا جمبل ومعبر... ولكن الاجمل منه ان يتحول هذا الصمت الى قوه جباره نصنع منها اقدارنا.

    ردحذف
  2. هذا النص جميل جداً..
    وهو كافٍ لجعلك كاتبة حقيقية..
    ان قرأت هذا النص ممهورا بامضاء غادة السمان مثلا،
    لما شكيت لحظة واحدة بانها هي كاتبته..
    وهذا يجعلني سعيداً جدا بطبيعة الحال..
    العمق.. الفكرة.. الاسلوب.. كلهم على مستوى راقٍ
    بس :)
    سوى ارتدادٍ وليس سوى ارتداداً..
    كذلك مدلاة.. (استبدالها مستحسن)

    ردحذف